مبادرة مميزة في العطاء: معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر
سبر السبل الفعالةللحد من الفقر
مقدمة
يُعد “معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر” (J PAL) مركزاً عالمياً للأبحاث يسعى إلى الحد من الفقر من خلال ضمان استناد القرارات الخاصة بتوسيع نطاق البرامج وعملية صياغة السياسات إلى بيانات موثوقة ودقيقة. يعتمد “المعمل” على ما يُسمّى بدراسات “التقييم العشوائي” لتحديد مدى فعالية برامج الحد من الفقر، وقد أكمل أكثر من 1,000 دراسة من هذا النوع على مستوى العالم.جوانب تميز المبادرة
يُعتبر معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر مبادرة مميزة نظراً لالتزامه الثابت بالحد من الفقر، ونهجه غير المباشر لتحقيق الأثر، فضلاً عن ريادته في استخدام الأبحاث والأدلة العلمية لتوجيه التمويل نحو البرامج التي تثمر بالفعل النتائج المنشودة.التفاصيل
تحدّ الوضع القائم
استثمر في بناء الأدلة العلمية إضافة إلى توعية مختلف الجهات المعنية
اعقد الشراكات مع الآخرين
اعقد شراكات إقليمية لدفع التقدم في المنطقة
اعمل على بناء القدرات
وفّر تمويلاً طويل الأجل ويتسم بالمرونة لتعزيز الأثر وتحقيق النمو
رائد العطاء أسرة جميل من خلال “مجتمع جميل”
سنة التأسيس عام 2003، لكن تم افتتاح “معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” عام 2020
الاهتمام الرئيسي قطاعات متعددة تشمل الزراعة، والتعليم، والتوظيف، والصحة، والشمول المالي، والجرائم والنزاعات، والاقتصاد السياسي، والبيئة والطاقة، والمساواة بين الجنسين، والمساعدات الإنسانية.
النطاق الجغرافي الرئيسي أجرى المعمل أبحاثاً في 86 بلداً، بما في ذلك تسع دول عربية هي مصر والأردن والعراق والمغرب وقطر والمملكة العربية السعودية وتونس ولبنان. وتتخذ المؤسسة مكتباً عالمياً لها في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في الولايات المتحدة الأميركية، وسبعة مكاتب إقليمية في كل من أفريقيا (في جنوب أفريقيا)، وأوروبا (فرنسا)، وأميركا اللاتينية والبحر الكاريبي (تشيلي)، وأميركا الشمالية (الولايات المتحدة الأميركية)، وجنوب آسيا (الهند)، وجنوب شرق آسيا (إندونيسيا)، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مصر)
حقائق سريعة
الفرصة لإحداث الأثر
في عام 2003، كانت تجربة محمّد عبد اللطيف جميل في ريادة العطاء قد وصلت إلى مفترق طرق. فالسيد جميل كان لسنوات طويلة يتبرع بالمال لصالح قضايا جديرة بالمساعدة. وكان في ذلك العام قد حوّل أنشطته الخيرية إلى مؤسسة رسمية من خلال إنشاء "مجتمع جميل"، وهو مجموعة من المبادرات ركّزت على دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وخارجها، لكن جميل كان يرغب بفعل المزيد.
لاحظ جميل أن الحكومات والجهات المانحة كانت تقدّم مبالغ طائلة إلى البرامج التي تهدف إلى تلبية الاحتياجات الملحة في مجالات الصحة والتعليم وسبل المعيشة، على الرغم من الغياب شبه الكامل للبيانات التي تحدد مدى فعالية هذه البرامج. وكما يقول ابنه، فادي جميل، رئيس مجتمع جميل الدولية: "في بعض الأحيان، يمكن للتدخلات التي صمّمت بناءً على أطيب النوايا أن تترك الحد الأدنى من الأثر، أو ربما تترك أثراً سلبياً، على الناس الذين تحاول مساعدتهم".
كان الوضع مقلقاً، لا سيما عند النظر إلى حجم الاحتياجات. فعلى سبيل المثال، في عام 2003 كان أقل من 30 بالمئة من الطلاب العرب بالمرحلة الثانوية يلبّون المعايير الدولية الدنيا للمهارات المطلوبة في مادة الرياضيات. كما يواجه جيل اليوم مستقبلاً مليئاً بالتحديات، إذ يعيش في منطقة تضم أعلى معدلات البطالة بين الشباب في العالم. هذا الواقع وغيره من الحقائق المحبطة دفعت جميل إلى البحث عن طريقة أفضل لتحديد البرامج الفعالة ودعمها وتوسيع نطاق تطبيقها. وكان لا بد من اتباع نهج أكثر دقة من مجرد اعتماد مجموعة من "مؤشرات الأداء الرئيسية" التي قد تنجح أو تفشل في تحديد الأثر.
في تلك الأثناء، وعلى بعد 4,000 ميل، كان الأساتذة الجامعيون في علم الاقتصاد أبهيجت بانرجي، وإيستر دوفلو، وسندهيل مولايناثان في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذي حصل محمد جميل منه على شهادة البكالوريوس، يواجهون المعضلة ذاتها: كيف نحدّد ما إذا كان برنامج ما لمكافحة الفقر ناجحاً بالفعل أم لا؟
في محاولة للإجابة على ذلك السؤال، أنشأ هؤلاء الأساتذة "مختبراً" للتطبيقات العملية لمكافحة الفقر (Poverty Action Lab) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا’ وهذا المختبر عبارة عن مركز أبحاث عالمي يركّز على الفقر والتنمية. وقد اختلفت هذه التجربة عن قريناتها إذ لجأت إلى ما يسمى بـ "التقييمات العشوائية" لاختبار مدى فعالية برامج مكافحة الفقر.
كانت الفكرة تقوم على طرح مؤسسة ما لبرنامج جديد بشكل عشوائي بين مجموعة من الأشخاص دون غيرهم، بينما يقيس الباحثون التابعون لـ "مختبر التطبيقات العملية لمكافحة الفقر" حجم التحسن الحاصل في كل من المجموعتين ويجرون مقارنات بينهما. وبما أن المجموعتين كانتا متطابقتين في كل النواحي الأخرى، فإن أية فروقات في النتائج يمكن أن تُعزى إلى البرنامج. يمكن لهذه المقاربة أن تختبر العديد من برامج مكافحة الفقر - من التعليم إلى الصحة إلى التوظيف - وأن توفر البراهين والأدلة العلمية الداعمة، ما يضع "مختبر التطبيقات العملية لمكافحة الفقر" في موقع يسمح له بمساعدة الحكومات، والجهات المانحة، والمنظمات غير الحكومية على اختيار البرامج التي تحقق أكبر قيمة وأثر فقط.
على الرغم من ميزانية المختبر الصغيرة، إلا أن طموحاته كانت كبيرة جداً. وحول ذلك علقت راشيل غلينيرستر، المديرة التنفيذية السابقة للمؤسسة، بقولها: "نحن مهتمون بتغيير حياة ملايين الناس، وليس فقط تحويل بضع قرى إلى نماذج رائعة".
لكي يتمكن المختبر من تحقيق هذه الرؤية، كان بحاجة إلى أن يراهن شخص ما رهاناً كبيراً على نموّه. بحلول عام 2005، كان المختبر قد أجرى 48 دراسة تقيم عشوائي. وكان توسيع نطاق أنشطته البحثية ونشر أثره بحاجة إلى بناء المزيد من البنية التحتية. وكانت سوزان هوكفيلد، رئيسة معهد ماساشوستس للتكنولوجيا في ذلك الوقت، على علم بمدى اهتمام جميل بالاستعانة بالأدلة العلمية في محاربة الفقر، لذا عرّفته في ذلك العام على كل من بانرجي ودوفلو.
ويقول فادي جميل أنه عندما سمع هو ووالده بمختبر التطبيقات العملية لمكافحة الفقر "وجداه متوافقاً مع أفكار مجتمع جميل"، وقادراً على التأثير في حياة ملايين الناس في أنحاء العالم". كان ذلك الاجتماع مجرد بداية تحولت لاحقاً إلى شراكة رائدة لتعزيز حملات مكافحة الفقر على مستوى العالم.
"في بعض الأحيان، يمكن للتدخلات التي صُممت بناءً على أطيب النوايا أن تترك الحد الأدنى من الأثر، أو ربما تترك أثراً سلبياً على الناس الذين تحاول مساعدتهم".
فادي جميل رئيس مؤسسة مجتمع جميل الدولية
استثمار مميز في توسيع نطاق البرامج المدعومة بالأدلة العلمية
في عام 2005، ضخّ مجتمع جميل استثمارات كبيرة في "مختبر التطبيقات العملية لمكافحة الفقر"، الذي أعيد تسميته ليصبح "معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر" (J-PAL) تكريماً لوالد محمد جميل الراحل. كانت هذه الاستثمارات الأولية الكبيرة، واستثمارات مجتمع جميل اللاحقة في المعمل، مميزة من عدة جوانب.
أولاً، التزم مجتمع جميل من خلال "معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر" التزاماً طويل الأمد بالمساهمة في الحد من الفقر. ورغم أن أسرة جميل استثمرت بقوة في المملكة العربية السعودية والدول المحيطة بها، سواء في إقامة الأعمال أو العمل الخيري، إلا أن دعم مجتمع جميل لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر كان ينبع من رغبة الأسرة في تعزيز الصحة والتعليم وسبل المعيشة في جميع أنحاء العالم. وقد تعهد مجتمع جميل بالاستثمار طويل الأجل على شكل أموال وقفية لإنشاء المعمل والمحافظة على ديمومته.
أدت الهبة التي قدمها مجتمع جميل عام 2005 إلى تمويل منحة لإستاذ جامعي، ومنحتي زمالة، وصندوق للبحوث والتعليم، في مجالي الحد من الفقر واقتصاد التنمية. رغم أن المنح الوقفية شائعة في الوسط الأكاديمي، إلا أنها نادرة في المبادرات التي تركز على التغيير الاجتماعي، مثل معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر، لاسيما في المبادرات التي تعتبر في جوهرها ناشئة. وهكذا كانت هذه الهبة بمثابة"قفزة إيمانية". واستمر مجتمع جميل على ما يزيد عن 13 عاماً في توفير الدعم المرن الذي يعتبر جزءاً لا يتجزّأ من جهود معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر.
ويقول إقبال داليوال، المدير التنفيذي العالمي لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر: "يعود جزء كبير من نجاح معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر إلى أننا نمتلك مصدراً مضموناً للدخل من عام إلى آخر. لقد سمح لنا ذلك بالتفكير على المدى البعيد، والتركيز على العمل عوضاً عن جمع التبرعات، وكذلك التركيز على اجتذاب أصحاب المهارات الذين غالباً ما يتطلعون إلى العمل في القطاع الحكومي أو شغل وظائف أخرى".
أما ثاني جوانب تميز معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر هو أن مجتمع جميل اختار أن يجسد تطلعاته الكبيرة من خلال مقاربة تترك الأثر بطريقة غير مباشرة، ما يشكل طفرة خارج المسار التقليدي القائم على الاستثمار في مشاريع محددة تلبي الاحتياجات المباشرة للناس وتحقق نتائج قابلة للقياس بسهولة أكبر؛ مثل: عدد الوحدات السكنية التي تم بناؤها، أو عدد الوظائف المستحدثة، أو عدد الأطفال الذين حصلوا على التغذية. عوضاً عن ذلك، اختار مجتمع جميل أن يدعم مبادرة ناشئة التزمت بإيجاد البراهين والأدلة العلمية التي تساعد مقدّمي الخدمات المباشرين مثل المنظمات غير الحكومية والحكومات، في تنفيذ برامج أكثر فعالية.
وأخيراً، تصدّر مجتمع جميل الحركة الهادفة إلى توفير الأدلة العلمية في دعم أنشطة القطاع الاجتماعي. فقد آمنت أسرة جميل بأهمية التحاليل الإحصائية المشددة، مثل التقييمات العشوائية، ومساهمتها في تحديد الموارد وتوجيهها نحو مسارات واعدة في مكافحة الفقر.
تم استخدام الدراسات المبنية على أساس سحب العينة العشوائية منذ زمن طويل في حقول أخرى مثل الطب بهدف تقييم مدى فعالية العلاجات الجديدة. وبما أن معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر كان من أولى الجهات التي طبقت هذه المقاربة في القطاع الاجتماعي، فقد حظيت بمكانة تسمح لها بأداء دور حيوي في تطوير حركة "الحلول الصالحة"، مما يساعد المنظمات غير الحكومية، والحكومات، والجهات المانحة حول العالم في توجيه جهودها ومواردها نحو أكثر برامج مكافحة الفقر فعالية.
وثمة أمر آخر لا يقل أهمية ألا وهو أن المعمل سعى أيضاً إلى بناء الطلب على البيانات، من خلال تحويل تركيز الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والجهات المانحة من منطلق "النوايا الحسنة" إلى عمليات اتخاذ القرارات المُسندة بالبراهين والأدلّة.
وبذلك حوّل معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر نفسه من مشروع ناشئ ذي مقاربة جديدة إلى مؤسسة فعالة استفاد من جهودها أكثر من 400 مليون إنسان في أرجاء العالم، عبر برامج وسياسات أخضعها الباحثون التابعون للمعمل للتقييم ووجدوا أنها فعالة.
وفي العالم العربي، أقام المعمل بالتعاون من مجتمع جميل أحدث مراكزه الإقليمية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وهو معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. سيعمل المركز بالشراكة مع رواد عطاء محليين على تقييم أفضل المبادرات العالمية في مجال التعليم، والتوظيف، ومكافحة الفقر.
التطبيق الفعلي لنموذج معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر: الشراكة مع مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية في مصر
تستثمر مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية في عدة برامج تهدف إلى إيجاد فرص عمل مستدامة، وتوفير التعليم، وتمكين الناس في مختلف أنحاء مصر من الحصول على قروض صغيرة. ومنذ عام 2001، استفاد من هذه البرامج أكثر من 170,000 شخص.
لكن المؤسسة لم تكن تعلم إلى أي مدى تساهم هذه البرامج في إحداث التغيير البعيد المدى. وفي مسعى من مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية لمعرفة أثرها الحقيقي على حياة المستفيدين، أبرمت شراكة مع معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر.
إجراء الأبحاث والتشارك بنتائجها
في عام 2015، عقدت مؤسسة ساويرس شراكة مع معمل عبد اللطيف جميل لإجراء تقييمات عشوائية لبعض برامجها المطورة محلياً. أطلقت المؤسسة "مسابقة ساويرس لخلق فرص العمل" بهدف تحديد أكثر مشاريع المنظمات غير الحكومية الواعدة في مجال توفير الوظائف في صعيد مصر، حيث تصل معدلات الفقر إلى أعلى المستويات في البلاد.
ثم أجرى معمل عبد اللطيف جميل ومؤسسة ساويرس تقييمات على مدى ثلاث سنوات لاختبار مدى كفاءة المشاريع الفائزة. ومن ضمن الأسئلة التي سعت التقييمات إلى الإجابة عليها إن كانت القروض أم المنح الوسيلة الأكثر فعالية في مساعدة رواد الأعمال الشباب على إطلاق المشاريع والمحافظة عليها. أظهرت النتائج أن كلا الوسيلتين أدتا إلى زيادة في استحداث الأعمال والأرباح بعد مرور عام على تقديم الدعم، مع تحقيق النساء لنسب أعلى من الرجال في هذين المؤشرين.
لكن رغم أن الدخل الإجمالي للنساء شهد ارتفاعاً، لم يكن الوضع كذلك بالنسبة للرجال. والسبب في هذا التباين هو أنه في غياب الدعم تبقى النساء عاطلات عن العمل، أما الرجال فهم في غياب الدعم يجدون عادة وسائل أخرى لكسب الدخل . ستشكل هذه النتائج أساساً يساعد مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية في اتباع أفضل طريقة لتصميم برامج أكثر فعالية لتوفير الوظائف وتعظيم أثر استثماراتها.
التأثير في السياسات
يعمل أيضاً معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر ومؤسسة ساويرس على تبني نماذج ناجحة عالمياً بعد تكييفها للبيئة المحلية. ويختار المعمل مما لديه من قائمة التدخلات التي أثبتت نجاحها ثم يوصي بالنماذج التي من المرجح أن تلبي الاحتياجات المحلية وأهداف المؤسسة على أفضل وجه. من الأمثلة على هذه النماذج "نهج التحرر من الفقر" من منظمة "براك"، التي تهدف إلى مساعدة الأسر ذات الدخل المتدني جداً على الخروج من حالة العوز الشديد. وفي ظل البراهين الملفتة للنظر التي وفّرها معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر قررت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية العمل مع المعمل، ومنظمة "براك" والحكومة المحلية لتعديل هذا النهج وتنفيذه في مصر، ثم تقييم أثره.
التعليم والتدريب
سعياً منه في توسيع أثر هذه الجهود في مجال البحوث والسياسات، يساعد معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية على إنشاء فريق لرصد وتقييم أثر البرامج.
وتقول نورا سليم، المدير التنفيذي لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية: "ساعدنا العمل مع معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر على المضي أبعد من عمليات الرصد، بل إلى قياس النتائج والأثر بهدف تحديد البرامج الناجحة حقّاً، والأهم من ذلك، البرامج القادرة على البقاء إلى ما بعد فترة المنحة. لقد ترك ذلك أثراً عميقاً في الطريقة التي نستثمر بها".
إضافة إلى ذلك، تعاونت المؤسسة مع المعمل لعقد سلسلة من ورش العمل الخاصة بتقييم الأثر مع المشاريع الفائزة في "مسابقة ساويرس لتوفير فرص العمل".
نمو أنشطة مختبر عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر منذ تأسيسه
كيف تعمل المبادرة؟
يتعاون معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر مع شبكة عالمية تتشكل من أكثر من 190 أستاذاً جامعياً من أرقى الجامعات العالمية بهدف تصميم وإجراء التقييمات الخاصة ببرامج مكافحة الفقر. وتستضيف جامعات بارزة في أنحاء العالم المكاتب الإقليمية السبعة للمعمل، من بينها الجامعة الأميركية بالقاهرة التي شهدت افتتاح معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2020.
يقوم معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر اليوم بثلاثة أنشطة رئيسية، هي:
1. إجراء الأبحاث ومشاركة نتائجها:
يسعى المعمل من خلال إعداده وتنفيذه للتقييمات العشوائية الدقيقة إلى زيادة فهم القطاع الاجتماعي لكيفية تحديد البرامج الصالحة وغير الصالحة في الحد من الفقر. وقد أجرى الباحثون التابعون للمبادرة أكثر من 1,000 تقييم عشوائي في مجالات متنوعة؛ من المياه النظيفة إلى التمويل الصغير، والوقاية من الجريمة. وتساعد المجموعة البحثية في المعمل، والممولة جزئياً باستثمارات جميل، في دعم الباحثين المتعاونين معها في إجراء التقييمات.
وليس من غير المعتاد أن تتوصل هذه الدراسات أحياناً إلى نتائج تناقض المفاهيم السائدة أو المقاربات غير المثبتة والمعتمدة على الحدس. على سبيل المثال، تميل عادة المدارس في المناطق المتدنية أو المتوسطة الدخل إلى أن تكون مكتظة بالطلاب، ما يدفع العديد من البرامج إلى تحسين التعليم من خلال تقليل عدد الطلاب في الصفوف. ونتيجة لذلك، غالباً ما تستثمر هذه البرامج أموالاً كبيرة في تعيين معلمين إضافيين، لتحسين نسبة الطلاب إلى المعلمين.
لكن الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع أجمعت على أن مجرد إضافة الموارد التعليمية ليس كافياً لإدخال تحسين حقيقي على أداء الطلاب. فتقليل عدد الطلاب في قاعات الدراسة وغيرها من التغييرات التي تُدخل لمرة واحدة يجب أن تُكمَّل بتحسينات أوسع في الجانب التربوي أو حوكمة المدارس، من أجل إدخال تحسين حقيقي على مستوى تعلّم الطلاب.
لذا، فإن أحد مؤشرات النجاح وفق معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر يتمثل في أن يحول المموّلون استثماراتهم إلى المبادرات التي أثبتت نجاحها، مثل مبادرة "التعليم في المستوى المناسب" (Teaching at the Right Level). فبعد أن أجرى المعمل تقييماً لهذه المقاربة التربوية في الهند ودول أخرى، اكتشف أن مبادرة "التعليم في المستوى المناسب" تعزّز نتائج التعلم من خلال جمع الطلاب ضمن فئات بحسب مستواهم التعليمي (وليس بحسب فئتهم العمرية أو صفّهم الدراسي) وصياغة العملية التدريسية وفقاً لذلك المستوى.
2. التأثير في السياسات:
لا يمكن اعتبار دراسات الباحثين التابعين لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر حقاً مفيدة إلا إذا كانت مصدراً للمعلومات تستعين به الحكومات والجهات المانحة عند اتخاذ قرارتها حول المبادرات أو القرارات التي يجب عليها تمويلها. ومن الأمثلة على ذلك مبادرة المعمل "التعليم في المستوى المناسب". فبعد أن رأت مدى نجاح هذا النموذج، لجأت الحكومات المحلية في عدة ولايات هندية إلى دمجه بنظام التعليم. كما أعلنت مؤخراً منظمة "كو إمباكت" (Co-Impact)، وهي جهة تعاونية مانحة تركز على تحقيق الأثر الاجتماعي على نطاق واسع، عن منحة تهدف إلى تطبيق مقاربة "التعليم في المستوى المناسب" على نطاق واسع في عدة دول أفريقية.
في مسعى من مسؤولي السياسات في المعمل لنشر نتائج أبحاثهم فإنهم يعملون مع شبكة من الأكاديميين من أجل تحويل هذه النتائج إلى دروس وعبر تفيد صنّاع السياسات. كما أنهم يبنون الشراكات مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية، وغيرها من صنّاع القرار بهدف تبادل الأطر الخاصة بتطبيق المقاربات المدعومة بالبراهين العالمية ضمن السياقات المحلية، وكذلك بهدف دعم الاستناد إلى هذه البراهين في عملية إصلاح السياسات.
ويشمل هذا الدعم توفير التمويل والمساعدة الفنية، إضافة إلى انتداب الموظفين للمساعدة في صياغة المشاريع والسياسات التي تسهم في تحقيق النتائج المنشودة.
3. التعليم والتدريب:
يوفر معمل عبد اللطيف جميل التعليم والتدريب لصنّاع السياسات وموظفي البرامج لإطلاعهم على كيفية إجراء تقييمات عالية الجودة ومن ثم الاستعانة بالبراهين والأدلّة الناتجة لاتخاذ قرارات أكثر حكمة. ويمتلك المعمل موارد تدريبية وخيارات تعليمية للمدراء التنفيذيين الذين يحضرون التدريب شخصياً، بما في ذلك الدورات التي تنظم عبر الإنترنت وورش العمل المصممة بحسب احتياجات الجهة المتلقية. ويوفر المعمل دورات مجانية عبر الإنترنت حول كيفية تقييم البرامج الاجتماعية وقياس النتائج في مجال الصحة.
كما يوفر ورش عمل للباحثين والمدراء الميدانيين وغيرهم، وهي تعتمد على الحضور الشخصي ويمكن تكييفها بحسب القطاع المعني أو وفقاً لاهتمامات الجهة المستفيدة.
وتيرة التقدم والنتائج
إحراز التقدم على المستوى العالمي
لغاية اليوم، تلقت البرامج التي خضعت للتقييم من معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر وثبت فعاليتها، استثمارات سمحت لها بالانتشار على نطاق أوسع والوصول إلى أكثر من 400 مليون شخص حول العالم. ويقيم المعمل شراكات مع أكثر من 25 حكومة في 15 بلداً بهدف الترويج للبراهين والاستعانة بها في عملية اتخاذ القرار.
إضافة إلى ذلك، ومنذ أن قدّم جميل هبته الأولى إلى معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر، سارت عدة جهات ممولّة رئيسية على خطاه، بما في ذلك مؤسسة بيل وميليندا غيتس، ومؤسسة ويليام وفلورا هيولت، ومؤسسة لورا وجون آرنولد، ومؤسسة جون د. وكاثرين ت. ماك آرثر، ووزارة التنمية الدولية البريطانية.
لقد أحدثت مقاربة معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر القائمة على الأدلة العلمية نقلة نوعية في العديد من المفاهيم التقليدية السائدة. من أفضل الأمثلة على ذلك ما كشفت عنه مقاربة القروض الصغيرة التي تبنّتها المنظمات غير الحكومية والحكومات في أنحاء العالم كأسلوب للحد من الفقر. فحتى عام 2013، كانت المبادرات القائمة على تقديم القروض الصغيرة قد وصلت إلى 200 مليون شخص، نصفهم كانوا يعيشون في حالة من الفقر المدقع. ولكن رغم هذا الانتشار الواسع النطاق، إلا أن النقاد أكدوا على أن القروض الصغيرة قد أوقعت الأسر الفقيرة في شباك الديون.
ووسط هذا الجدال المحتدم، أجرى الباحثون التابعون لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر سلسلة من التقييمات العشوائية لاختبار أثر القروض الصغيرة. وقد توصلوا إلى أن أثر القروض الصغيرة هو بالفعل محدود. فهو لا يقود عموماً إلى دخل أعلى أو إلى الخروج من دوامة الفقر. لكن في الوقت ذاته لا تؤدي هذه القروض إلى تغيير حال المقترضين إلى الأسوأ.
وقد ساعدت أبحاث إضافية أجراها الباحثون التابعون لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر، بالشراكة مع منظمات غير حكومية رائدة، في الكشف عن مقاربات واعدة وأكثر شمولية للتغلب على التحديات التي تواجه الأسر الفقيرة. فعلى سبيل المثال، عمل الباحثون التابعون للمعمل مع منظمة "براك" غير الحكومية ومقرها بنغلادش بهدف تقييم إحدى مبادراتها وتسمّى "نهج التحرر من الفقر".
تم طرح هذه المبادرة للمرة الأولى في إطار "برنامج استهدف الأشخاص شديدي الفقر" وهي تقوم على تزويد الأسر المعدمة بأصل مُنتِج (كمعزاة أو بقرة أو مستلزمات التجارة)، وتدريبها على كيفية إدارة هذا الأصل، مع بعض الدعم الإضافي مثل الرعاية الصحية، والتدريب على مهارات الحياة، والإرشاد المتواصل. كان الهدف هو مساعدة الأشخاص المهمّشين على كسب قوتهم والخروج من دوامة الفقر المدقع.
وبعد أن عقد الباحثون شراكة مع منظمة "براك" لاختبار البرنامج في بنغلادش، عملوا مع منظمات في سبع دول أخرى تطبق نماذج مطابقة لهذا البرنامج بهدف إخضاعها للتقييم. وقد وجدوا أن هذا النموذج قد مكّن النساء الأفقر حالاً من تنويع مصادر دخلهن، والبدء بإدارة مشاريع تجارية صغيرة، وزيادة دخلهن بمعدل 38 بالمئة على مدار أربع سنوات. كما حصلت تحسينات أيضاً في مجال الأمن الغذائي، والمقتنيات من الأصول، والمدخّرات. ووفرت هذه الدراسات أدلة مادية على أن "نهج التحرر من الفقر" قد ساعد فعلاً في الحد منه.
وليس ضرباً من المبالغة التأكيد على الأهمية الكبيرة لهذه النتائج. فقبل ظهور "نهج التحرر من الفقر"، لم يكن هناك "الكثير من البراهين القاطعة التي تثبت أن المساعدة الخارجية يمكن أن تخرج الناس من دوامة الفقر بشكل مستدام"، وفق مقالة كتبها نيكولاس كريستوف في صحيفة نيويورك تايمز في العام 2015.
نظراً لنجاح برنامج "استهداف الأشخاص الشديدي الفقر"، وسّعت منظمة "براك" تطبيق "نهج التحرر من الفقر" ليشمل 580,000 امرأة في بنغلادش، وهو أكثر من ضعف العدد الذين كانت المنظمة قد خططت له قبل التقييم الذي أجراه الباحثون التابعون لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر.
ولم يقتصر الأمر على إجراء الأبحاث، فقد لخّص الباحثون التابعون للمعمل الأدلة العلمية وشاركوها مع صنّاع السياسات في مختلف أنحاء العالم. وبفضل عمل معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر والآخرين، يدعم اليوم "نهج التحرر من الفقر" مساراً يساعد ملايين الأسر الشديدة العوز على الخروج من دوامة الفقر في أكثر من 20 بلداً.
التوسّع في العالم العربي
بعد أن افتتح معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر ستة مكاتب إقليمية ناجحة في أنحاء العالم، بدأ في عام 2015 يعمّق جهوده في العالم العربي، وذلك من خلال العمل مع الجامعة الأميركية بالقاهرة. وبعد مرور عامين، أعلن المؤسس المشارك والمدير المشارك للمعمل أبهيجيت بانرجي أن المنظمة ستوسّع أعمالها في المنطقة.12 وبعد ذلك بفترة قصيرة، أعطت الجامعة الأميركية في القاهرة ومعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر صبغة رسمية للشراكة بينهما، وفي عام 2020 تم افتتاح المكتب الإقليمي السابع، معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالتعاون مع مجتمع جميل في الجامعة.
وقد أسهم الباحثون التابعون لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر في المنطقة في إعداد 29 تقييماً عشوائياً حتى الآن لبرامج في مجال التوظيف، والصحة، والتعليم، وغير ذلك من المجالات الاجتماعية.
وتقول آليسون فاهي، المديرة التنفيذية المؤقتة لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يُعتبر توسيع أنشطتنا في مجال البحث، والسياسات، والتدريب [في المنطقة] هدفاً استراتيجياً لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر. وفي الوقت الذي نعمل فيه على تعزيز حضورنا في المنطقة من خلال المكتب الإقليمي الجديد، نعمل جاهدين على تحديد الشركاء من رواد العطاء الذين يرغبون بمشاركتنا في إطلاق مبادرة بحثية تساهم في إرساء مفهوم التقييم في دعم السياسات الاجتماعية الفعالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
عندما بدأ معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر بمزاولة نشاطه في المنطقة، كانت المؤسسة مجهولة إلى حدّ كبير، ولم تكن المفاهيم المتعلقة بالتقييمات العشوائية أو السياسات القائمة على الأدلة العلمية شائعة. ولكي يبرز الحاجة إلى مقاربته ويزيد من الطلب عليها، ركّز المعمل على مشاركة البراهين التي استنتجها من عمله السابق والتي كانت مفيدة لبعض الفاعلين في المنطقة، إضافة إلى البناء على الشراكات المحلية، وإقامة شبكة علاقات. تقول فاهي: "هناك اهتمام متنامٍ في المنطقة لمحاولة فهم كيفية تصميم البرامج الاجتماعية الصالحة ونشرها على نطاق واسع، ونوع الأثر الذي يمكن أن تتركه". وتضيف: "يسعدنا أن نلمس هذا الاهتمام وأن نلبي الحاجة في المنطقة".
كان مجتمع جميل شريكاً مهماً لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر في عمله المبكر في العالم العربي، سواء من خلال تقديم التمويل الأولي، أو المساعدة في تكوين العلاقات. عمل مجتمع جميل مع معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر على تنظيم لقاء لنصف يوم في دبي، بهدف تداول الآراء حول الكيفية التي يمكن أن يساعد بها المعمل في تلبية أولويات السياسات في المنطقة، ورفع مستوى حضوره، وبناء الشراكات. وكما يقول فادي جميل، "في المنطقة العربية، التي تضمّ أكبر حضور لمؤسسة مجتمع جميل، نعمل على الترويج للنتائج التي توصّل إليها معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر ومقاربة المعمل بين صفوف كبريات الجهات الإقليمية الفاعلة، وتحديد فرص جديدة له لكي يعمل مع الوكالات والمنظمات غير الحكومية في المنطقة لتقييم أثر التدخلات".
ومن خلال هذا الدعم، يبدو أن الجهود التي يبذلها المعمل لبناء الطلب تؤتي ثمارها، ويتجّلى ذلك من خلال تزايد أعداد الطلبات التي يتلقاها لتقييم التدخلات المطوّرة إقليمياً على يد المنظمات غير الحكومية والحكومات الشريكة. وأحد الأمثلة هو مجموعة من الشراكات الجديدة الهادفة إلى تقييم البرامج التي تستهدف اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في المنطقة. ويشكّل ذلك حدثاً رائداً محتملاً نظراً إلى أن القطاع لم يشهد حتى الآن العديد من التقييمات العشوائية.
وبعيداً عن تقييم الأثر، أحضر معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر إلى المنطقة برامج سبق أن أثبتت نجاحها. وهو يتعاون حالياً مع مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية في مصر بهدف تبني "نهج التحرر من الفقر" من منظمة "براك" و تكييفه لينفّذ في صعيد مصر (راجع "التطبيق الفعلي لنموذج معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر: الشراكة مع مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية في مصر"، في الصفحة 6). ويعمل الجانبان مع منظمات غير حكومية من أجل إطلاق المبادرة في محافظتي سوهاج وأسيوط، على أمل تحقيق انتشار أوسع في السنوات المقبلة.
كما درّب معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر أيضا أكثر من 100 باحث ومسؤول عن صنع السياسات في العالم العربي. وقد شملت هذه الجهود الشراكات مع الحكومات، والمؤسسات المتعدّدة الأطراف، والمنظمات غير الحكومية. كما طرح معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر في المنطقة برنامجاً هجيناً للتعليم الإلكتروني (راجع "برامج الماجستير المصغّر مع منصة (MITx) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، في أسفل الصفحة).
التعامل مع التحديات
على مرّ السنين ومنذ أن قدم مجتمع جميل هبته الوقفية الأولى، تكيّف معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر مع الظروف لمواجهة عدد من التحديات.
- إشراك الحكومات:
معظم الأعمال الأولى التي قام بها معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر لتوسيع المبادرات التي أثبتت نجاحها كانت مع المنظمات غير الحكومية، التي تكون عادة أصغر من الحكومة، وأسرع منها، وأكثر ابتكاراً أيضاً. لكن لا يمكن لأية منظمة غير حكومية أن تضاهي الحكومة في قدرتها على التوسع. وعن ذلك، يقول داليوال: "إذا كنت تريد الوصول إلى ملايين الناس، فأنت بحاجة لأن تعمل مع الحكومات".
في عام 2015، وفي مسعى من معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر إلى زيادة حجم عمله مع الجهات الحكومية، أنشأ "مبادرة الشراكة مع الحكومات"، المُموّلة بصورة رئيسية عبر دعم من مؤسسة "مجتمع جميل"، إضافة إلى عدد من المؤسسات والأفراد الآخرين. كانت مبادرة الشراكة مع الحكومات، أو ما يسمى اليوم بمبادرة الابتكارات في الحكومة، هي الجهد الأول من نوعه لمساعدة الحكومات على استخدام الأدلة العلمية في تصميم السياسات واتخاذ القرارات. وحتى عام 2018، كانت البرامج الحكومية مسؤولة عن 80 بالمئة تقريباً من الناس الذين تصلهم البرامج الموسعة بالاستناد إلى الأدلة العلمية والتي خضعت للتقييم على يد الباحثين التابعين للمعمل.
- تمويل الموظفين والعمليات:
وجد معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر سهولة أكبر في جمع التمويل الخاص بمشاريع بحثية فردية مقارنة بجمع الأموال المخصّصة لتمويل العمليات والنفقات الإدارية غير المباشرة، وكلاهما أمران أساسيان لمساعدة الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والجهات المانحة على فهم نتائج التقييمات والتصرف بناءً عليها. ففي أحيان كثيرة، تركز الجهات الخيرية على مجرد توفير التمويل المباشر للعمل الهادف إلى الخدمة، ولكن لكي يكون للتمويل أثره مع مرور الوقت، لا بد من تمويل العمليات والنفقات الإدارية غير المباشرة لضمان استدامة الحلول وليس مجرد التوصل إلى حلول مؤقتة. هذا واحد من الأسباب التي جعلت الأموال الوقفية التي قدمها مجتمع جميل إلى معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر، والأموال الأولية الداعمة التي قدمها لاحقاً في الدول العربية أساسية للغاية في نجاح المعمل. كما ساعد مجتمع جميل المعمل في التواصل مع رواد عطاء عرب آخرين سعياً لمساهمتهم في تقديم الدعم الأولي.
من خلال تقديمه الدعم الأساسي لافتتاح المكتب الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ساهم مجتمع جميل في توفير فرصة لرواد العطاء الآخرين لزيادة أثر أعمالهم: إذ يسعى معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليوم إلى إيجاد شركاء من رواد العطاء لإطلاق مبادرات بحثية توفر الأدلة والبراهين اللازمة لتحديد أولويات السياسات في المنطقة، ما يساعد على زيادة فعالية السياسات. ومن شأن الدعم الإضافي الذي يوفره معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يحدث أثراً قوياً لأنه سيعزز الدعم الذي يقدمه مجتمع جميل للبنية التحتية للمكتب الإقليمي.
- العمل في الدول متدنية ومتوسطة الدخل:
على مدار السنين، كان على الأساتذة المتعاونين مع معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر وموظفيه تطوير خبراتهم في مجال إجراء الأبحاث في الدول متدنية ومتوسطة الدخل. وفي جلسة لطرح الأسئلة أعقبت محاضرة في الجامعة الأميركية بالقاهرة عام 2017، أكد بانرجي13، من معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر، بقوله أن الإدارة الفعالة للتقييم العشوائي في بلد متدني أو متوسط الدخل، تقتضي من المعمل أن يعمل عن كثب مع المؤسسات المنفّذة، لضمان توقيت المراحل الأساسية من العملية البحثية وتنفيذها بشكل صحيح بالاستناد إلى السياق المحدد.
ويستدعي هذا بدوره يستدعي تفاعل المعمل وشركائه مع الأشخاص الذين يعرفون كيف يديرون الأمور اللوجستية والتكاليف على المستوى المحلي، "لا سيما في الأماكن التي لا توجد فيها بيانات إدارية يمكن الحصول عليها بسهولة". ولكي يتغلب معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر على هذا التحدي في العالم العربي، ركز على بناء العلاقات مع شركاء محليين قديرين جداً، فضلاً عن السعي إلى إنشاء مكتب إقليمي متكامل.
برامج الماجستير المصغّر مع منصة (MITx) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا
خلال سعي معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر وكلية الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للبحث عن طرق مبتكرة وذات تكلفة منخفضة للوصول إلى السكان غير المخدّمين على نحو كافٍ، طورت الجهتان برنامجاً هجيناً للتعليم الإلكتروني عبر الإنترنت، هو برنامج الماجستير المصغّر في البيانات والاقتصاد وسياسات التنمية مع منصة (MITx) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وفي ضوء الشراكة التي تجمع بين الجامعة الأميركية بالقاهرة، ومعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر فإن الجامعة تقدم الآن ساعات دراسية معتمدة للطلاب الذين يشاركون في البرنامج. وتعتمد الرسوم على مقياس متدرّج يضمن قدرة الجميع مادياً على الحضور. وثمّة آلاف من الطلاب المسجلين حالياً في برنامج الماجستير المصغّر في أنحاء العالم، بما في ذلك ما يقارب 1,000 طالب في العالم العربي مسجلين في مادة واحدة على الأقل.
كما تعهّدت مؤسسة مجتمع جميل بدعم نهج الماجستير المصغّر، عبر تقديم المنح إلى اللاجئين في المنطقة للالتحاق بالبرنامج، إضافة إلى توفير الدعم الشخصي لتعزيز التعليم.
"نحن مهتمون بتغيير حياة ملايين الناس وليس فقط تحويل بضع قرى إلى نماذج رائعة".
راشيل غلينيرستر المديرة التنفيذية العالمية السابقة لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر
الدروس المستفادة الرئيسية لرواد العطاء
تحدّ الوضع القائم
استثمر في بناء الأدلة العلمية إضافة إلى توعية مختلف الجهات المعنية
كان محمّد جميل ومؤسسو معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر يعلمون أن المقاربة القائمة على الأدلة العلمية في التنمية الدولية ستثمر عن نتائج أفضل وأكثر فعالية. لكن ذلك سيستغرق وقتاً ويستدعي التزاماً عميقاً ليس فقط لاتباع منهجيات تعتمد على البيانات، وإنما لتغيير الذهنيات، كذلك لأن الأبحاث الطويلة الأجل كانت جديدة نسبياً في المنطقة.
وكما تقول المؤسِسة المشاركة لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر إيستر دوفلو: "يتمثل دورنا في المثابرة على تخفيف زخم المشكلة شيئاً فشيئاً إلى أن تتضح لنا مع مرور الوقت العوامل التي يمكننا استخدامها لتحسين الوضع".
وقد تبنّى معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر هذه المقاربة ووسّع من استخدام التقييمات العشوائية والأدلة العلمية في أنحاء العالم. ويقوم المعمل بالأمر ذاته في الدول العربية، ويتفاعل مع الجهات المعنية المحلية (مثل مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية) لضمان ترسيخ حضور الممارسات المُسندة بالبراهين.
اعقد الشراكات مع الآخرين
اعقد شراكات إقليمية لدفع التقدم في المنطقة
كان المسؤولون عن معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر يعلمون منذ البداية أن من الصعب إحداث فرق في أي منطقة دون حضور شخصي قوي. ومن الأمثلة العملية على ذلك الشراكة القوية التي جمعت بين معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر وجامعة كيب تاون، التي كانت عنصراً أساسياً في نجاح المعمل في أفريقيا جنوب الصحراء، سواء على صعيد عدد التجارب العشوائية المنضبطة أو أشكال أخرى من التعاون.
كما كانت هذه المقاربة أساسية أيضاً في الدول العربية. فسمعة مجتمع جميل وعلاقاته كانت نقطة بداية أساسية لانطلاق أعمال معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر هناك، حيث ساعد في تمهيد الطريق لعلاقة المؤسسة مع الجامعة الأميركية بالقاهرة (بين جملة أخرى من الجهود).
وكما يوضح إقبال داليوال، المدير التنفيذي العالمي لمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر، فإن “مجتمع جميل فتح الكثير من الأبواب لنا، ليفسح بذلك المجال لنشوء روابط مع شركاء أساسيين”.
اعمل على بناء القدرات
وفّر تمويلاً طويل الأجل ويتسم بالمرونة لتعزيز الأثر وتحقيق النمو
أراد محمّد جميل إنشاء مؤسسة تتمتع بالديمومة، لذلك حدّد هيكلية تمويله بطريقة تعطي معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر مساحة كافية للتوسع. كما وفّر الصندوق الوقفي تمويلاً مضموناً لكي يتفرغ قادة معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر للتفكير بما يتجاوز التحدي التالي، واجتذاب أصحاب الموهبة، والتركيز على إنجاز العمل عوضاً عن جمع التبرعات والأموال.
منح التمويل المرن أرضية مستقرة للنمو في عدة مناطق. فمعمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر يعمل حالياً على تحديد شركاء تمويل من هذا القبيل لدعم توسعه في العالم العربي. كما ساعدت الأرضية التمويلية الصلبة المعمل في البدء باستقطاب المزيد من الجهات المانحة، بما في ذلك الجهات الخيرية الخاصة والمنظمات المتعددة الأطراف التي تسعى إلى استقطاب البرامج التي تعمل على تحسين حياة الملايين من الناس.
تعرف على رائد العطاء محمّد عبد اللطيف جميل
نبذة عن حياته
محمّد عبد اللطيف جميل هو مؤسس مجتمع جميل، الذراع الخيرية لأسرة جميل. كما يشغل أيضاً منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لعبد اللطيف جميل، وهي شركة عالمية متعددة الأنشطة تعمل في مجموعة من القطاعات بما في ذلك النقل، والطاقة المتجددة، والخدمات المالية.
تدعم مؤسسة مجتمع جميل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك توفير الوظائف، والفنون والثقافة، والصحة، والتعليم، والحد من الفقر، وضمان حصول الجميع على المياه والأغذية الآمنة والكافية. بالإضافة إلى إنشائه لمبادرة معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر (J-PAL)، أنشأ جميل أيضاً معمل عبد اللطيف جميل للأمن المائي والغذائي العالمي (J-WAFS)، ومعمل عبد اللطيف جميل العالمي للتعليم (J-WEL)، وعيادة عبد اللطيف جميل لتقنيات التعلّم الآلي في مجال الرعاية الصحية (J-Clinic)، وجميعها أقيمت في جامعته الأم التي تخرّج منها، معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT).
حصل جميل على وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الممتازة، وهو أرفع وسام في المملكة العربية السعودية، من خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله تقديراً من جلالته لمبادرات جميل الساعية إلى إيجاد الوظائف للشباب والشابات. كما نال أيضاً لقب “فارس” من الملكة إليزابيث الثانية في المملكة المتحدة تقديراً لأنشطته الخيرية ودعمه للفنون والثقافة.
الملحق: المراجع
للاطلاع على دراسة الحالة بالكامل، مع المراجع والمعلومات الإضافية، اضغط هنا.