قوة الشراكات

رواد العطاء والمؤسسات الخيرية يسارعون إلى نجدة المجتمعات المحلية المتأثرة بجانحة كوفيد-19

شارك رواد العطاء الذين تمت مقابلتهم ضمن 'مشروع إنسبايرد' في جهود الاستجابة لجانحة كوفيد-19 خلال الأشهر الماضية، سواء على صعيد تقديم التمويل العاجل للتعليم، أو توفير وجبات الغذاء للفئات التي ازدادت فقراً بسبب الوباء، أو غيرها من سبل الدعم.

لقد أدت القيود التي فرضت على الأنشطة اليومية وحركة التنقل بهدف الحد من انتشار الوباء إلى تداعيات اقتصادية زادت من حجم الهوة في التوظيف والتعليم والمداخيل، وجعلت الفئات المتدنية الدخل عرضة أكثر للمخاطر.

كما أدى فيروس كورونا إلى ظهور تحديات جديدة دفعت بالمؤسسات الخيرية في العالم العربي إلى عقد شراكات جديدة بهدف تمويل جهود إغاثة الفئات الأكثر تضرراً من أزمة كوفيد-19.

ضمن استجابته الطارئة للأزمة، قام معالي عبدالعزيز الغرير، رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم، في أواخر إبريل بالإعلان عن إطلاق صندوق لتعليم اللاجئين عبر الإنترنت لتخطي العقبات التي فرضها فيروس كورونا. سيوفر الصندوق الدعم لنحو 6,000 طالب من أكثر الفئات المستضعفة في كل من لبنان والأردن من خلال توفير النفاذ لهم للإنترنت والحواسيب المحمولة والأجهزة اللوحية، فضلاً عن المحتوى الرقمي والدروس عبر الإنترنت، وذلك بالشراكة مع مزودي خدمات التعليم المحليين.

تندرج هذه الخطوة تحت مظلة مبادرة شخصية أطلقها عبدالعزيز الغرير في عام 2018، وهي صندوق عبدالعزيز الغرير لتعليم اللاجئين والهادف لمساعدة اللاجئين في لبنان والأردن، والمتأثرين بالصراعات من المقيمين في الإمارات العربية المتحدة، على الحصول على التعليم.

وبدورها، شاركت بسخاء مجموعة عيسى صالح القرق، ومقرها دبي، والتي تدير أعمالها الخيرية من خلال مؤسسة عيسى صالح القرق الخيرية، في الاستجابة للأزمة. ففي شهر مارس أعلنت المجموعة عن تقديمها منحة بقيمة 3.5 مليون دولار إلى الدوائر الحكومية التربوية والصحية في الإمارة لدعم مبادرات التعلم عن بعد ومساعدتها على الحد من انتشار فيروس كورونا. كما تنازلت المجموعة عن تحصيل إيجارات السكن من المستأجرين القاطنين في عقاراتها السكنية.

وفي فلسطين، قدمت مؤسسة منيب رشيد المصري الخيرية منحة بقيمة مليون دولار لتوفير المواد الغذائية والطبية العاجلة للشعب الفلسطيني، ومساعدة الجهات الحكومية في استجابتها لأزمة كوفيد-19.

الفنون تتخطى القيود

في تونس، تابعت مؤسسة كمال الأزعر مساعيها في دعم الفنانين المعروفين والناشئين والاستفادة من مواهبهم الخلاقة في احداث الأثر الاجتماعي والثقافي.

تنشط المؤسسة في الترويج للفن العربي والارتقاء به من خلال منصات وقنوات مبتكرة مثل 'إبراز' و'جو تونس' و'أوتيك إمباكت بليس'. وقد أطلقت مؤخراً صندوق دعم الفنانين خلال فترة الحجر الصحي وحضر التجول ضمن مبادرة 'التضامن الثقافي' التي تتيح للفنانين التونسيين فرصة طلب منحة مالية تساعدهم على إكمال مشاريعهم التي تعطلت بسبب إغلاق الورش والمعارض الفنية، أو تمكنهم من دفع إيجار سكنهم أو تأمين معيشتهم في ظل تراجع مداخيلهم.

وكان إقبال الفنانين قوياً على المنح، إذ زاد عدد الطلبات عن 300 طلب. تم قبول 59 طلب منها لدعم المشاريع كما استفاد منها أيضاً 120 فناناً. وتفاوتت قيمة المنح ما بين 1,000 دولار وحتى 15,000 دولار في بعض الحالات.

وضمن مشروع آخر يدعى 'نبضة قلب'، دعت مؤسسة كمال الأزعر 35 فناناً تونسي إلى إنتاج أعمال فنية يتناول موضوعها فترة عزلتهم الاجتماعية خلال الحجر الصحي. ويتم حالياً جمع هذه الأعمال لإعداد كتيب ترويجي لبيعها، ثم تُستخدم العائدات لتمويل طرود غذائية يتم توزيعها على 30,000 شخص من ذوي الدخل المتدني في تونس.

توضح لينا الأزعر، نائب الرئيس لمؤسسة كمال الأزعر، قائلة: "كان الفنانون في مبادرة 'التضامن الثقافي' هم المستفيدون من الدعم، لكن مبادرة 'نبضة قلب' جعلتهم يساهمون في دعم الآخرين من خلال الاستفادة من التأثير المضاعف لمواهبهم الابداعية في ايجاد التمويل اللازم لتقديم المساعدة الغذائية لأكثر فئات المجتمع تهميشاً".

كما تبرعت مؤسسة كمال الأزعر أيضاً للمستشفيات في تونس لشراء المعدات الوقائية وغيرها من اللوازم الطبية.

الحلول عبر الإنترنت

دفعت أزمة كورونا مؤسسة عبد المحسن القطان، التي تركز في أعمالها على الفنون والتعليم في فلسطين، إلى إعادة النظر في كيفية مشاركة أعمال فنانيها من رسم ونحت وفنون أدائية مع الجمهور في الوقت الذي سببت فيه الأزمة بإغلاق معظم صالات العرض والمسارح. كانت الفكرة هي الاستمرار بتقديم تجربة ثقافية على الرغم من الأزمة.

من المشاريع ذات الصلة، قام مركز 'غرف الموزاييك' في لندن التابع للمؤسسة والذي يهتم بالثقافة العربية المعاصرة بإطلاق 'فيوتشر ثريدز' عبر الإنترنت، وهو برنامج مجاني يستضيف الفنانين والمشرفين على الفن والمفكرين من العالم العربي وغيره من المناطق، حيث يشاركون الجمهور تجاربهم حول جانحة كوفيد-19 وأثرها عليهم.

من المقرر لهذه المبادرة التي تم الكشف عنها في شهر يونيو أن تستمر حتى شهر سبتمبر، لكن وفق ما أفادت به نائب رئيس مركز 'غرف الموزاييك'، ساندرا روس، هناك خطة لإطلاق أحداث أخرى عبر الإنترنت ترافق انعقاد المعارض الفعلية كوسيلة للنفاذ لجمهور دولي أوسع.

في هذه الأثناء، قام برنامج البحث والتطوير التربوي التابع لمؤسسة عبد المحسن القطان في فلسطين بنقل الجزء الأكبر من مواد تدريب المعلمين لديه إلى صفحته على 'فيس بوك' لضمان نفاذ المتدربين للبرنامج على رغم القيود على الحركة والتنقل.

الطرود الغذائية

في البحرين، أطلقت مؤسسة راشد الزياني الخيرية مبادرة باسم 'حساء الروح' التي تعمل على استلام وجبات الحساء من المطاعم المحلية وتقديمها للعمال الوافدين الذين فقدوا عملهم بسبب أزمة كورونا. وتمكنت المبادرة خلال شهر واحد من إطلاقها مع بداية الأزمة أن توزع أكثر من 40,000 طبق من الحساء على المحتاجين في مختلف أنحاء البحرين.

يقول عمر أيوب، الرئيس التنفيذي لمؤسسة راشد الزياني الخيرية: "أدركنا في وقت مبكر أن العديد من الناس أصبحوا فجأة بدون عمل بسبب الأزمة. لذا، سارعنا إلى أطلاق مبادرة 'حساء الروح'، حيث تزودنا المطاعم بالحساء ونعمل نحن على توزيعه من منزل إلى منزل، ومن مجمع سكني إلى آخر".

وعلى صعيد آخر، بادرت المؤسسة بتزويد حكومة البحرين بـ 12 مركبة لمساعدتها بحملتها في الاستجابة لجانحة كوفيد-19 واحتوائها. كما قدمت المؤسسة نحو 500 طرد غذائي للأسر المحلية خلال شهر رمضان. احتوت الطرود على بعض المواد الأساسية مثل الطحين والمعكرونة والسكر والزيت، واستهدفت منازل سائقي سيارات الأجرة وغيرها من المهن من الذين فقدوا مداخيلهم بسبب الحجر الصحي.

التعاون يزيد الأثر

في بدايات شهر أبريل، تبرعت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بمبلغ 6.37 مليون دولار للمساهمة في الحد من انتشار فيروس كورونا في مصر. تم رصد 2.5 مليون دولار من هذا المبلغ لمساعدة العمال من ذوي الدخل المتدني على المعيشة، أما باقي المبلغ، 3.8 مليون دولار، فتم استخدامه لدعم الجهود الحكومية للوقاية من كورونا.

وفي حزيران، أعلنت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية عن شراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بهدف تقديم الدعم لأكثر من 2,500 أسرة لاجئة تعيش في مصر لمدة ستة أشهر. تنص الاتفاقية على ضمان تسليم المنح المالية الشهرية من المفوضية إلى اللاجئين المهمشين الذين فقدوا سبل العيش بسبب جانحة كوفيد-19 وقد تم إخلائهم – أو هم معرضون للإخلاء – من منازلهم.

يقول سميح ساويرس أن مؤسسته أدركت أهمية شمل اللاجئين في برامج الإغاثة نظراً لأنهم من "ضمن الفئات السكانية الأكثر عرضة للمخاطر". ويضيف قائلاً: "نحن واثقون من أننا قادرون من خلال هذا التعاون على منح هذه الأسر بعض الأمل والدعم الضروري".

ومن جهة أخرى، تشاركت مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية مع بنك أليكس المصري لإطلاق منصة 'إبداع من مصر' عبر الإنترنت، والمخصصة لبيع المنتجات الحرفية بالتجزئة بهدف مساعدة قطاع الحرف اليدوية في مصر الذي تأثر كثيراً من إغلاق محلات التجزئة بسبب كورونا على النفاذ إلى أسواق جديدة، وحماية الوظائف والحرف التقليدية من الزوال على المدى الطويل.

كيف يمكنك المساهمة في الاستجابة العالمية لأزمة كوفيد-19؟

أطلقت مختلف الدول والمجتمعات حول العالم حملات تهدف إلى الحد من انتشار فيروس كورونا وتفادي المضاعفات الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن هذه الجانحة. ما يلي هو بعض القنوات التي يمكنك التبرع من خلالها.

صندوق التضامن للاستجابة لجانحة كوفيد-19
أطلقت منظمة الصحة العالمية صندوق التضامن للاستجابة لجانحة كوفيد-19 بهدف دعم جهودها في عمليات رصد وفهم أعمق لطبيعة فيروس كورونا وظروف انتشاره، فضلاً عن تقديم العناية للمرضى والدعم للعاملين الصحيين في المناطق المتأثرة، وتسريع عملية تطوير لقاح وعلاج للفيروس.

باور أوف
'باور أوف' (Power Of) هي منصة عالمية جديدة تهدف إلى ربط الأفراد الراغبين في المشاركة بإحداث الفرق في مجتمعهم مع المنظمات العاملة على الأرض للحد من آثار جانحة كوفيد-19. تعرض المنصة المشاريع وحملات التبرع المتوفرة وفق نطاقها الجغرافي ومجال اهتمامها، حيث يمكن للراغبين بالمساعدة أن يقدموا تبرعاتهم مباشرة أو يسجلوا رغبتهم في التطوع. 

YallaGive
لدى منصة YallaGive.org الإماراتية صفحة خاصة بالأنشطة المتعلقة بجانحة كوفيد-19. يمكنك من خلال هذه المنصة التبرع مباشرة للمكاتب الإقليمية للمنظمات الدولية مثل أطباء بلا حدود (MSF) أو غيرها من المنظمات التي تقدم الدعم لمجتمعات الشرق الأوسط.