مبادرة مميزة في العطاء
تشجيع الشباب على قيادة التغيير
مقدمة
رواد التنمية هي منظمة غير ربحية تعمل على تمكين المجتمعات المهمشة ووضعها على مسار الازدهار من خلال الحث على المشاركة المدنية وتعبئة الشباب وتوفير فرص التعليم. ولتحقيق هدفها هذا، تستعين المنظمة بالشركاء من القطاع الخاص والهيئات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.جوانب تميز المبادرة
تنفرد منظمة رواد التنمية عن باقي المنظمات في فلسفتها ونهجها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية كونها تقدم نفسها كمنصة لمشاركة القطاع الخاص مباشرة في دعم المجتمعات المحلية المهمشة، سواء في تمكين هذه المجتمعات من التنمية الذاتية أو توفير الفرص للشباب فيها ليكونوا المحفزين على التغيير الاجتماعي.الدروس المستفادة
اصغ إلى المجتمع المحلي
استثمر في الإصغاء إلى المجتمع المحلي وتلبية احتياجاته بسرعة لكسب ثقته
إجتذب المشاركة من المجتمع المحلي
استقطب المشاركة من أفراد المجتمع المحلي لتطوير حلول أفضل وتعزيز دورهم في بناء مستقبلهم
استعن بمختلف أصولك
بيّن كيف يمكنك المشاركة بأكثر من مجرد التمويل، بالاستثمار في خبرتك ووقتك
رائد العطاء فادي غندور
سنة التأسيس 2005
الاهتمام الرئيسي تمكين الشباب وتنمية المجتمع
النطاق الجغرافي الرئيسي منطقتا جبل النظيف والبيضا ("البتراء الصغيرة")، ومحافظة الطفيلة في الأردن؛ عزبة خيرالله في مصر؛ منطقتا جبل محسن وباب التبانة في طرابلس في لبنان؛ قرى قبيه وشقبه ونعلين ودير قديس في منطقة بدرس في فلسطين
حقائق سريعة
الفرصة لإحداث الأثر
في نوفمبر عام 2005، قرر رجل الأعمال الأردني فادي غندور، مؤسس شركة الخدمات اللوجستية العالمية أرامكس إنترناشونال، أن الوقت قد حان لدفع شركته إلى أبعد مما حققته خلال تاريخها الطويل في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات إلى دور يحفّز على التغيير في الأحياء المهمشة في البلاد.
وعن ذلك، يقول غندور: "يشعر الناس الذين يعيشون على هامش الحياة بأن المجتمع قد نسي أمرهم، لاسيما الشباب الذين يشعرون أنهم لا يستفيدون من الميزات الاجتماعية أو الاقتصادية التي يتمتع بها غيرهم من فئات المجتمع".
كان غندور واثقاً أنه في حال أتيحت للشباب الفرصة فإنهم قادرون على نشل مجتمعاتهم من التهميش والدفع بها نحو مستقبل أفضل. لكن في الوقت نفسه، كان يدرك حجم التحديات، لاسيما في ظل الصعوبات التي كان الأردن يواجهها لتوفير الوسائل والفرص لهذه الشريحة الكبيرة من الشباب في المملكة لكي يصبحوا مواطنين فاعلين في المجتمع.
تشير الإحصاءات إلى أن نحو 70 بالمئة من سكان المملكة هم دون سن الـ 30 عاماً، وتشكل فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً نحو 22 بالمئة من السكان. كما أن ما يقرب من ثلث هذه الشريحة عاطلون عن العمل ويبحثون عن وظائف.
وتصبح هذه الصورة قاتمة أكثر عند النظر إلى أوضاع المجتمعات المحرومة ومخيمات اللاجئين، كتلك الواقعة في شرق عمّان والتي تعاني منذ مدة طويلة من معدلات فقر وبطالة عالية. كان غندور يدرك أن الحكومة وحدها لن تكون قادرة على تخطي العقبات العديدة والمتداخلة لتحقيق نقلة نوعية في حياة هذه المجتمعات. ولذلك كانت هناك حاجة حقيقة لتبني نهج يجمع بين مختلف الأطراف لتمكين الشباب والمجتمعات من تولي زمام الأمور والمشاركة في تحسين حياتهم.
كما كان غندور يرى أن للقطاع الخاص دوراً مهماً في إحداث الفرق في هذا المجال يتعدى عمل الخير المألوف لدى غالبية الشركات، كتوفير طعام الإفطار خلال شهر رمضان أو التبرع بالمال للمنظمات غير الحكومية. فقد كان يرى أن الشركات، مثل شركة أرامكس، تملك رأس المال - فضلاً عن الخبرات وشبكات العلاقات والنفوذ - ما يمكنها من التصدي لأحد الأسباب الجذرية لانتشار الفقر والبطالة في المجتمعات المحرومة. والأهم من ذلك أنه كان يؤمن أن القيام بذلك هو مسؤولية تقع على عاتقها.
واستخلص غندور أن غياب الأعمال الخيرية المؤثرة للقطاع الخاص في المجتمعات المهمشة في الأردن قد فتح المجال واسعاً أمام فرصة مهمة، وهي الربط بين قدرات القطاع الخاص ونموذج عمل يعتمد على تعبئة الشباب والاستفادة من طاقاتهم كعوامل محفزة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
استثمار مميز فيالمجتمعات المهمشة
في العالم العربي
في عام 2005 استثمر فادي غندور أمواله الخاصة، مع تمويل إضافي من شركة أرامكس، كي يطلق "رواد التنمية"، وهي منظمة قائمة على المجتمع توفر وسيلة للقطاع الخاص للمساهمة في التنمية الاجتماعية بالشراكة مع الهيئات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية المهمشة.
حشد غندور دعم رجال الأعمال الأردنيين للمساهمة في التمويل الأولي للمنظمة، ومن بين هؤلاء خالد المصري - الذي كان آنذاك يرأس مجلس إدارة بنك القاهرة عمّان ويشغل اليوم نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة أسترا ولا يزال حتى اليوم نائب رئيس مجلس إدارة منظمة رواد التنمية في الأردن.
من خلال هذا التعاون، تركّز رواد التنمية على المناطق المستهدفة لمساعدة الشباب الذين يعيشون فيها في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة للحصول على التعليم وفرص التطوع والثقافة والمهارات في مجال الأعمال، فضلاً عن أنشطة التنظيم المجتمعي التي تسعى إلى تمكين المجتمعات المحلية وتنميتها. والهدف المتوخى بالنسبة لرواد هو دعم سكان هذه المجتمعات واعتبارهم خبراء في شؤون مناطقهم للتقليل من أوجه عدم المساواة وفي وقت ذاته المساهمة في حل مشاكلهم.
ومنذ إطلاق مبادراتها، تميزت رواد التنمية عن باقي المنظمات في ثلاثة جوانب رئيسية. أولاً، اتخذت المنظمة عدة خطوات جريئة لتمكين الشباب - الذين وجد فيهم غندور الطاقات والقدرات المطلوبة للدفع بالتغيير في مجتمعاتهم المحلية. ومن هذا المنطلق توفر رواد التنمية المنح الدراسية والبرامج التدريبية لمساعدة الشباب على اكتساب المعرفة والمهارات وبناء العلاقات "من أجل السعي الفعّال نحو تحقيق أحلامهم بمستقبل أفضل".
من ناحية أخرى، تستعين المنظمة بالشباب في خدمة المجتمع، الأمر الذي يساعدهم على "فهم كيف يمكنهم تطويع طاقاتهم ومواردهم في صنع التغيير الذي يرغبون برؤيته في العالم من حولهم"، بحسب سمر دودين، المديرة الإقليمية لرواد التنمية.
كما توفر لهم المنظمة "فسحة آمنة" أو ما يشبه المنتدى الذي تتاح لهم من خلاله تنمية حسهم بذاتهم وتطلعاتهم للمستقبل فضلاً عن طرح الأسئلة وتنمية قدراتهم على التفكير النقدي.
لكن الهدف الأبعد بالنسبة لغندور هو أن نبرهن لهؤلاء الشباب أن هناك مساراً بديلاً يمكنهم اتباعه لتحقيق مستقبل أفضل وأن نرسل لهم رسالة مفادها أن هناك من يقدر قيمتهم.
ثانياً، ركزت رواد التنمية على نهج التنمية المجتمعية بقيادة المواطن. كما فضّلت العمل بشكل مكثف مع عدد صغير من المجتمعات المحلية المهمشة عوضاً عن تشتيت الجهود بالعمل مع مجموعة كبيرة منها، ورفضت أيضاً التعامل مع السكان على أنهم مجرد متلقين للمساعدات.
وعوضاً عن اتباع النهج التقليدي "من القمة إلى القاعدة" في التنمية، والذي يمكن أن يؤدي إلى خلق حلقة مفرغة من الاعتماد على الغير، فضلت المنظمة أن تصغي إلى السكان المعنيين أنفسهم لتقييم احتياجاتهم من وجهة نظرهم، وتجعلهم يشعرون بأنهم مشاركون في تصميم الحلول وتنفيذها.
وتعلّق دودين التي تطوعت مع رواد لخمس سنوات قبل الاضطلاع بدورها الإداري في المنظمة قائلة: "يؤكد نموذج العمل هذا على صدقنا في الإصغاء إليهم والتواجد معهم وكسب مشاركتهم في صياغة الحلول".
وأخيراً، تميزت منظمة رواد التنمية عن غيرها من المنظمات بأنها فتحت قنوات لشركات القطاع الخاص للمشاركة في التنمية الاجتماعية، ليس بالتمويل فقط وإنما بتقديم الخبرات كذلك. وكانت المنظمة خير مثال يقتدى به في هذا المجال من خلال شخص غندور، سواء على صعيد مشاركته الشخصية أو بصفته الرئيس التنفيذي لشركة أرامكس.
ويقول غندور: "تتمثل قناعتنا الكاملة بأن للشركات دوراً في المجتمع، وأن أنشطتها لا تنحصر فقط بإدارة الأعمال. أردنا أن نكون عاملاً مؤثراً ومشاركاً في عملية تنمية المجتمعات التي أخترناها".
وفي عام 2005، وبينما كان غندور يعد الصيغة النهائية لتأسيس مبادرته، بدأ يبحث عن المكان المناسب حيث يمكنه وضع تصوراته حيز التنفيذ. وقد سنحت له الفرصة في ذلك العام، بصفته عضواً في مجلس أمناء مؤسسة نهر الأردن، بزيارة جبل النظيف في شرق العاصمة عمّان. كانت هذه المنطقة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 50,000 شخص وتضم مخيماً غير رسمي للاجئين، تعاني من الفقر الشديد ومن ظروف سكن سيئة، فضلاً عن تفاقم معدلات الجرائم وتعاطي المخدرات وارتفاع معدل البطالة بين الشباب بنحو 50 بالمئة عن المعدل الوطني.
كان هذا التباين الكبير بين الفقر في جبل النظيف من جهة والأحياء الغنية في غرب العاصمة من جهة أخرى يزيد من شعور سكان جبل النظيف بالعزلة عن باقي المجتمع وبأنهم لا يحظون بالاهتمام مقارنة بغيرهم. وعندما عاين غندور شخصياً هذه الحالة على أرض الواقع أدرك أن جبل النظيف هو المكان المثالي لإطلاق نموذج منظمة رواد التنمية.
تمثلت الخطوة الأولى في بناء قدرٍ كافٍ من الثقة لبناء علاقة قوية مع المجتمع المحلي التي سيرتكز عليها هذا التعاون. فقد كان لدى قادة المجتمع المحلي بعض الشكوك تجاه أية جهة خارج محيطهم، إذ لم يسبق لهم أن تعاملوا مع القطاع الخاص من قبل. كما كان بعضهم يخشى من أن تكون لرواد التنمية أجندة خفية.
يعود غندور بذاكرته إلى تلك الفترة، فيقول: "وجدوا آنذاك صعوبة في تقبل فكرة أن القطاع الخاص كان يرغب بالفعل في مساعدتهم بأكثر من مجرد صدقة".
وبهدف تبديد هذه الشكوك وكسب ثقة السكان، عقد غندور اجتماعاً أولياً مع أعضاء المجتمع المحلي هناك ليستفسر عن أبرز احتياجاتهم. ثم تابعت رواد التنمية تحت إشراف غندور عملية دراسة هذه الاحتياجات لتلبية ما أمكن منها. وكان من أبرز الاحتياجات التي طُرحت إقامة مخفر للشرطة لضبط الأمن في المنطقة، وهو مطلب قديم لم يلق آذاناً صاغية في السابق. حشدت رواد التنمية بعد ذلك دعم الجهات الحكومية لتلبية هذا المطلب. كما قامت باستئجار موقع لإقامة عيادة طبية وساهمت في جهود إنشاء مكتب بريد وأعادت ترميم بناء مدرسة قديمة وأنشأت مكتبة للأطفال.
ويقول غندور: "لقد كنا قادرين على تلبية هذه الاحتياجات الأساسية". ويضيف قائلاً: "هكذا بنينا الثقة معهم وبرهنا لهم أننا نرغب بالفعل في العمل معهم".
وبعد إرساء هذه الأسس، أصبح سكان جبل النظيف جاهزين لبحث المسائل الأكثر عمقاً مع المنظمة.
واليوم، وبعد مرور ما يزيد عن عقد من الزمن، أدت الجهود التي بذلتها منظمة رواد التنمية إلى إلهام المواطنين في جبل النظيف وتزويدهم بما يلزم للعمل سوياً على إيجاد الحلول لمشاكلهم والاستفادة من الفرص لتحسين أوضاعهم وبالتالي تحقيق الرفاه لأحيائهم.
ساعد غندور وشركة أرامكس ومموّلون آخرون - أبرزهم خالد المصري وراغدة غندور رحيم - في دعم هذه الجهود من خلال مساهماتهم في "النموذج الأصلي" في شرق عمّان والتوسع في المجتمعات المهمشة الأخرى في الأردن (الطفيلة والبيضا).
وإقليمياً، تقدم أرامكس الدعم لكل من رواد مصر (القاهرة) ورواد فلسطين (نعلين وبدرس وقبيه)، بينما قادت رائدة الأعمال هلا فاضل تأسيس رواد لبنان في طرابلس بالشراكة مع فادي غندور وتواصل تقديم الدعم لها إلى جانب سيدات ورجال أعمال معروفين مثل سامي خوري ونورا الجندي وميشيل الحلو بالإضافة إلى قائدة حركة النساء العاملات أسمهان الزين ومستشارة التواصل الإقليمي في المنظمة أمل غندور.
ومن خلال برامج المنح الدراسية وخدمة المجتمع والتطوع التي نفذتها رواد التنمية في جميع مواقع عملها، ساعدت المنظمة 2,127 شاباً وشابة على تطوير مؤهلاتهم والمشاركة في إحداث التغيير المجتمعي.
والأثر الأعمق الذي أحدثته المنظمة في المجتمعات المحلية المهمشة، بحسب غندور، هو "تحوّل الخطاب في هذه المجتمعات من 'نحن بحاجة' إلى 'نود معالجة تلك المسألة' ومن ثم العمل بالفعل على التصدي للتحديات التي يواجهونها".
“يشعر الناس الذين يعيشون على هامش الحياة بأن المجتمع قد نسيهم. كما يشعر الشباب منهم بالتحديد أنهم لا ينتفعون من أية ميزات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية مثلما ينتفع باقي فئات المجتمع - لذا هم أكثر عرضة لمختلف التأثيرات”.
فادي غندور
كيف تعمل المبادرة؟
ساهمت التجارب المبكرة لرواد التنمية في الأردن بتشكيل العناصر الرئيسية لنموذج عملها، وقد استمرت المنظمة في البناء على هذه العناصر ومواصلة تعلمها واستجابتها للاحتياجات الإضافية للمجتمع المحلي. وتغطي برامجها اليوم عدة جوانب تشمل تمكين الشباب والمجتمع وتنمية الطفل، في الوقت الذي تعد فيه الشركات الشاملة لعدة قطاعات جزءاً لا يتجزأ من كل منها.
البرامج المجتمعية
1. تمكين الشباب
إيماناً منه بأن "الحصول على التعليم الجيد هو الأساس لتحقيق عيش كريم"، قام غندور بتأسيس صندوق منح مصعب خورما لتعليم وتمكين الشباب، الذي اطلق عليه هذا الاسم تكريماً لصديقه الذي قُتل خلال هجوم عام 2005.
وتقدم المنظمة المنح الدراسية للشباب من عمر 18 عاماً وما فوق لمساعدتهم على متابعة دراساتهم في جامعات وكليات مرموقة. في المقابل، يتطوع هؤلاء الشباب بما لا يقل عن أربع ساعات في الأسبوع على مدى فترة المنحة في البرامج المجتمعية التي تنظمها رواد التنمية.
وتستخدم المنظمة شبكة علاقاتها لتوفر لمتلقي المنح فرص التدريب العملي والتوظيف في الشركات والحصول على المشورة المهنية في مجال اختصاصاتهم، فضلاً عن مساعدتهم في توسيع شبكة علاقاتهم - وهي سبل دعم لا تتوفر عادة للطلاب في المجتمعات المهمشة.
وتهتم المنظمة في التنمية المتكاملة للشباب الحاصلين على المنح، فتساعدهم على بناء الثقة بالنفس واكتساب المهارات الحياتية مثل التفكير النقدي والتعامل مع مختلف المواقف الاجتماعية، مما يساعدهم أيضاً على أن يكونوا عوامل فعالة في إحداث التغيير في مجتمعاتهم. بالإضافة إلى ذلك، تعقد المنظمة حلقات نقاش أسبوعية تسمى "دردشات" تحت إشراف ميسرين يتم خلالها تشجيع الشباب على التفكير الحر وطرح مجموعة متنوعة من الأفكار والآراء للبحث والنقاش.
وتوضح دودين، قائلة: "نستهل جلسات 'دردشات' عادة بطرح أسئلة من قبيل 'من نحن' و 'ما الذي يدفعنا إلى رؤية العالم من حولنا كما نراه اليوم" قبل الانتقال إلى التفكير في 'كيفية التعامل مع التوترات وتحويلها إلى فرص لحل المشاكل والعمل الجماعي'".
2. تنمية الطفل
من خلال عملها مع الشباب برزت فكرة أخرى لرواد التنمية، وهي الاستفادة من طاقاتهم في مراحل مبكرة من حياتهم. فمساعدة الأطفال على تنمية شخصيتهم وتقوية سمات مثل المرونة والتعاطف وتشجيعهم على الابتكار كلها أمور قد تلعب دوراً في وضعهم على مسار النجاح في المستقبل.
وهكذا دخلت رواد التنمية في شراكة مع المجتمع المحلي لتطوير عدة برامج خاصة بالأطفال من عمر 8 إلى 13 عاماً. يقوم متطوعون من الشباب بتنفيذ هذه البرامج التي تشمل تقديم الدعم الأكاديمي وعقد جلسات إبداعية في الفن والموسيقى وأدب الأطفال، فضلاً عن الرياضة والنوادي الصيفية. وتتبع المنظمة التعليم القائم على البحث والاستقصاء كإطار لجلساتها حول التنوع، وقد استحدثت مؤخراً برنامجاً لتعليم البرمجة. كما تعمل مع الأهالي والمدارس في المجتمع لتوفير بيئات آمنة ومواتية للتعلم.
أما بالنسبة للفتيان والفتيات من الفئة العمرية من 14 إلى 17 عاماً، فتنظّم رواد التنمية لهم ورش عمل تركز على خلق بيئة آمنة للتعبير عن الذات والتفكير وتطوير مهارات حل المشكلات. كما تستثمر بقدرات هؤلاء اليافعين بتوظيفهم في وقت مبكر كمتطوعين في برامج تنمية الأطفال.
3. تمكين المجتمع
بعد إطلاق برامج المنح الدراسية وتمكين الشباب، بدأت رواد التنمية تصغي لاستفسارات الأهالي واحتياجاتهم على نطاق أوسع. وكانت نتيجة هذه التفاعلات أن قررت المنظمة الاستجابة على محورين أساسيين.
أولاً، أنشأ فريق عمل المنظمة مكتب خدمة المجتمع ليتمكن السكان من خلاله من طلب أي نوع من المساعدة، سواء كانت متعلقة بالشؤون المالية أو الصحية أو في مجال البحث عن فرص العمل. ويبحث فريق المتطوعين مع هؤلاء السكان عن الحلول الممكنة، وغالباً ما يتطلب ذلك تحويلهم إلى الجهات المختصة وتوصيلهم بالموارد المتاحة، كالمنظمات غير الحكومية أو الخدمات الحكومية التي توفرها وزارات التنمية الاجتماعية والصحة والعمل. وعندما يحدد مكتب خدمة المجتمع احتياجات مشتركة على مستوى المجتمع المحلي، تقوم رواد التنمية عندها بالاستجابة بتقديم مجموعة من الخدمات المباشرة كدعم جهود محو الأمية بين النساء ومساعدتهن على توليد الدخل.
ثانياً، تعمل رواد التنمية على تشجيع المبادرات المدنية والعمل الجماعي بين سكان جبل النظيف من خلال دعمهم في إطلاق الحملات التي تدعو للتحسين والتغيير في نواحي أخرى. وقد شملت هذه الحملات ما يلي:
- حملة "ست دقائق لتشجيع متعة القراءة"، التي شجعت الأسر على تخصيص ست دقائق كل يوم للقراءة مع أطفالهم لكي تنمي فيهم حب التعلّم في وقت مبكر في حياتهم؛
- حملة "بيوت آمنة"، التي جمعت الأسر، لاسيما الأمهات، في جلسات يتشاركون خلالها قصص العنف الأسري، ويقيّمون فيها هذه الحالات، كما يتلقون النصائح والتدريب حول كيفية الحد من العنف الأسري؛
- حملة "من أجلكم"، التي نظمت خلالها جلسات للأهالي لمناقشة قضية العنف الجسدي ضد الأطفال في المدرسة والبيت، وتشجيع بعضهم البعض على مكافحة إساءة معاملة الأطفال؛
- حملة "الجنى" التي نتجت عن حملات سابقة وتهدف إلى الوصول إلى أكثر من 500 شخص من خلال مثقفات ناقلات للمعرفة حول قضايا مثل التربية الوالدية والمساءلة والوعي القانوني والتدخلات لتوفير الحماية إلى الأطفال.
وتتميز جميع أنشطة وبرامج رواد التنمية بقاسم مشترك فيما بينها، وهو حرص غندور على مشاركته شخصياً فيها. فهو يتشاور مع المديرة الإقليمية ومديري البرامج بشكل أسبوعي، وغالباً ما يعقد جلسات بحث وعصف ذهني مع الموظفين، ويكون حاضراً في كل المناسبات المهمّة، مثل جلسات الإرشاد الوظيفي. كما يتابع بشكل دوري أوضاع متلقي المنح الدراسية والمواطنين في المجتمع المحلي.
الشراكات الشاملة لعدة قطاعات
تعد رواد التنمية منصة للشراكات، إذ ترتكز جميع برامجها على الشراكات البالغة الأهمية بين القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والدوائر الحكومية وأفراد المجتمعات المحلية أنفسهم.
يخصص أفراد من القطاع الخاص جزءاً من وقتهم لدعم البرامج والأنشطة التي تطلقها رواد التنمية، يصل إلى بضعة آلاف من الساعات التطوعية كل عام. ويتطوع البعض منهم بخبراتهم في ميادين تشمل الاتصالات والتمويل وتكنولوجيا المعلومات، بينما ينخرط البعض الآخر مباشرة في جهود تمكين الشباب وإرشادهم، كما في الحدث الذي يعقد سنوياً لمتلقي المنح من شباب شرق عمّان/جبل النظيف، الذي يديرون خلاله حلقات نقاش منفردة مع الشباب لاطلاعهم على مختلف المسارات المهنية التي قد يرغبون فيها. من جهتها، توفر الشركات المشاركة، بما في ذلك شركة أرامكس، فرص التدريب الداخلي لهؤلاء الشباب، الذي يعد جزءاً رئيسياً من برنامج تنمية المهارات في مجال الأعمال.
وتتشارك رواد التنمية مع عدة منظمات غير حكومية محلية لتقديم الخدمات. فعلى سبيل المثال، يوفر مركز العدل للمساعدة القانونية الاستشارات القانونية لسكان جبل النظيف، وقد ساعد المركز أيضاً في تنظيم حملة "من أجلكم". علاوة على ذلك، توفر منظمة بيت صلصال غير الحكومية مساحة آمنة للأطفال والشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة لممارسة الفنون المختلفة.
وتشدد رواد التنمية على أن عملها هو مكمل لجهود الحكومة في دعم المجتمعات المحرومة ولا يحل محلها، وأن المنظمة هي شريك وليست بديلاً. وعن ذلك، يقول غندور: "أردنا أن نعمل مع الفئات الأشد ضعفاً، حيث يمكننا أن نكمل جهود الحكومة في هذا المجال".
وتتعاون المنظمة مع الجهات الحكومية كلما كان ذلك ممكناً. فعلى سبيل المثال، تعمل المنظمة مع وزارة التربية والتعليم على ترميم أبنية المدارس والتدريب المهني، بينما تتعاون مع وزارة العمل لتحديد فرص العمل للسكان المحليين. وكما ذكر سابقاً، تساعد رواد التنمية السكان في الوصول إلى الموارد الحكومية عن طريق مكتب خدمة المجتمع الذي أنشأته.
التشغيل والتمويل
من خلال استعانتها بالشباب من المجتمع المحلي كمنفذين رئيسيين لبرامجها، والسكان الآخرين كمتطوعين فيها، تدير رواد التنمية عملياتها بطاقم صغير من الموظفين العاملين بدوام كامل يبلغ عددهم 34 شخصاً. ونحو 70 بالمئة من هؤلاء الموظفين هم من المجتمع المحلي، بعضهم ممن أكمل برنامج رواد التنمية للمنح الدراسية للشباب، بالإضافة إلى غيرهم ممن تطوعوا في السابق في برامج المنظمة. وهؤلاء جميعاً يعملون اليوم ما بوسعهم لمساعدة الجيل القادم على بناء مستقبل أفضل بعد أن اختبروا بأنفسهم فعالية البرنامج (راجع النص تحت عنوان "رحلة مع رواد التنمية").
وتدعم مجموعة صغيرة من الممولين الرئيسيين أنشطة المنظمة، من بينهم غندور والمصري وشركة أرامكس ومؤسسات أخرى مثل بنك القاهرة عمّان وجمعية رؤيانا برئاسة سلمى كمال. كما أن أرامكس وبنك القاهرة عمّان هما عضوان في اللجنة الاستشارية لصندوق المنح الدراسية.
ويستعين غندور أيضاً بعلاقاته الواسعة مع القطاع الخاص لتحديد ممولين إضافيين قد يسهمون في استكمال مهام المنظمة، ويحرص خلال سعيه لإيجاد الممولين على تجنيب رواد التنمية أية تأثيرات سياسية. ولذلك لا تقبل المنظمة التمويل من الحكومات أو التمويل المشروط لأنه غندور يرى أنه قد يحرم المنظمات غير الحكومية الأخرى التي تعتمد عليه للقيام بأنشطتها – وربما يجعل بعض الشركات في القطاع الخاص تمتنع عن دعم أنشطة رواد التنمية.
رحلة مع رواد التنمية
طارق هو من سكان جبل النظيف، كان قد حصل على منحة دراسية من رواد التنمية عام 2006 لدراسة هندسة الاتصالات والبرمجيات. بعد تخرجه من الجامعة التحق طارق بالعمل التطوعي مع رواد التنمية، ثم انضم عام 2009 كموظف بدوام كامل في المنظمة. كان طارق يملأه الحماس لأن يرد العطاء بالمثل لكل من رواد التنمية ومجتمعه. فيقول: “كوني أنتمي لهذا الحي، فأنا أحب أن أساعد الناس هنا”. ويضيف: “عندما تبدأ بإحداث التغيير الإيجابي من مرحلة الطفولة وحتى التخرج من الجامعة، فأنت تعمل بالفعل على إعداد قادة التغيير في المجتمع المحلي”. ويجسد المسار المهني الذي اتبعه طارق فكرة التغيير هذه، إذ استمر في بناء قدراته القيادية خلال عمله مع رواد التنمية. فبعد انضمامه إلى المنظمة كموظف في تقنية المعلومات، أصبح طارق اليوم مدير شؤون المجتمع المحلي لمركز رواد في جبل النظيف. كما يعمل في أنشطة إرشاد الشباب في المنطقة.
وتيرة التقدم والنتائج
وتيرة التقدم
بين عامي 2005 و2010، عمّقت رواد التنمية حضورها في جبل النظيف، وفي عام 2010 كان برنامجها الخاص بالمنح الدراسية قد خرّج 570 طالباً وطالبة. كما طورت المنظمة برامجها أكثر خلال تلك الفترة لتشمل العديد من العناصر الإضافية (كما هو موضح في الجدول أعلاه)، وقد تزامن ذلك مع إطلاقها لمجموعة واسعة من المبادرات، شملت الدعم النفسي للشباب المتلقين للمنح الدراسية، ومنتدى تفاعلي للحوار (الذي تحوّل إلى حلقات "دردشات" فيما بعد)، وبرنامج تنمية الطفل في المكتبة المحلية.
وفي عام 2009، وتقديراً لنهج رواد التنمية في التعامل مع التحديات الاجتماعية، قامت مؤسسة "آنا ليند" السويدية بدعم توسع أعمال رواد التنمية إلى منطقة البيضا (البتراء الصغيرة)، وهي مجتمع قبلي صغير في جنوب الأردن.
وتوالت الطلبات على رواد التنمية لتوسيع النطاق الجغرافي لأنشطتها، لكن اهتمام المنظمة ظل منصباً على المجتمعات المنسية، وهي المناطق التي لا يرغب الآخرون بالاستثمار فيها، والتي يوافق قادة الأعمال الريادية فيها على الالتزام بالعناصر الأساسية لنموذج رواد التنمية: وهو دعم التغيير الذي يقوده أفراد المجتمع المحلي والتركيز على تمكين الشباب بالإضافة إلى برنامج المنح الدراسية والعمل التطوعي للشباب.
ويوضح غندور ذلك بقوله: "عندما يبدي الآخرون اهتماماً في تطبيق نموذج عمل رواد التنمية في مجتمعات محلية أخرى، نقول لهم، 'هذا هو أسلوبنا في العمل ... فإن كنتم قادرين على الالتزام، يمكننا حينها تطبيق النموذج'. لا بد أن نكون صادقين وأوفياء لنهجنا".
وفي عام 2012، زارت رائدة الأعمال اللبنانية هلا فاضل، وهي أيضاً صديقة لغندور، مركز رواد المجتمعي في جبل النظيف وسرعان ما أبدت رغبتها بتكرار هذا النموذج في مدينة طرابلس في لبنان. وقامت فاضل بعد ذلك بحشد الأموال اللازمة لتأسيس مركز لمجتمع رواد في منطقتي جبل محسن وباب التبانة الواقعتين شمال طرابلس.
يقع هذا المركز وسط الانقسام الطائفي الذي تشهده المدينة وهو يضم مطبخاً لإدرار الدخل تعمل فيه نساء من كلا الجانبين تعرضن لفقدان أبنائهن أو أزواجهن. ولا يولد المطبخ الأرباح فقط لبرنامج المنح الدراسية، بل يسهم في التئام جراح تلك النسوة ويفتح مجالاً لهن للحوار مع بعضهن البعض.
وفي العام نفسه، وسّعت رواد نموذج عملها ليشمل دولتين إضافيتين في المنطقة هما مصر وفلسطين. في مصر، أنشأت رواد مركزاً مجتمعياً بالتعاون مع شباب عزبة خير الله، ثاني أكبر عشوائية في القاهرة، وينصب تركيز المنظمة هناك أيضاً على المبادرات التي يقودها الشباب.
أما في فلسطين، فتقدم رواد خدماتها في بُدرس وأربع قرى مجاورة، بالشراكة مع المجالس البلدية المحلية. وأصبحت رواد فلسطين منظمة رائدة في إشراك الشباب في جميع القرى في خدمة المجتمع والعمل التطوعي.
وقد حققت المنظمة تقدماً ملموساً في رفع مستوى المعيشة في المجتمعات المحلية المحرومة. ويدعم برنامج المنح الدراسية 450 شاباً وشابة في كل المواقع، يقدمون سنوياً ما يعادل 84,600 ساعة تطوع في خدمة المجتمع. كما يشغل 95 بالمائة من الـ 1,252 شاباً وشابة الذين تخرجوا من الجامعات في الأردن وظائف في مهن تشمل الطب والتكنولوجيا والتعليم وغيرها.
وقال أحد متلقي المنح لدى تخرجه من الجامعة: "نحن شباب يحدونا الأمل ونحن نسير خطوة بخطوة نحو مستقبلنا. لقد كنا بالأمس متلقين لكرم رواد التنمية، ولكن بعد أن تخرجنا اليوم سنصبح مصدراً لكرم أكبر. لقد علمتنا رواد التنمية أننا عندما نعطي فإننا نحصل على المزيد".
ويتميز العديد من خريجي المنظمة اليوم بوعيهم الاجتماعي ومشاركتهم كمواطنين فاعلين في مجتمعاتهم المحلية. وبعضهم أسس، أو ساهم في تأسيس، مبادرات مجتمعية (راجع النص تحت عنوان "تنمية الوعي المجتمعي والمبادرات الفردية")، وقد انضم بعضهم، كما ذكرنا سابقاً، للعمل مع منظمة رواد التنمية بدوام كامل (راجع النص تحت عنوان "رحلة مع رواد التنمية").
على صعيد آخر، تحدث الجهود التي تبذلها المنظمة في مجالي تنمية الطفل وتمكين المجتمع المحلي الفرق أيضاً. ويستفيد من برامجها سنوياً آلاف الأطفال والنساء في المجتمعات المحلية المهمشة، فهي تساعدهم على تبني التغيير وبناء حياة أفضل. على سبيل المثال، استقطبت حملة "من أجلكم" التي انطلقت في جبل النظيف 54 أُمّاً لـ 165 طفلاً تعرضوا للعنف في المدارس؛ ومن خلال عملهن الجماعي وتعاونهن مع مركز العدل للمساعدة القانونية استطعن أن يبلغن عن هذه الحالات ويدفعن المدارس لاتخاذ إجراءات تصحيحية لوقف تلك الممارسات.
ويقول طارق، وهو أحد سكان جبل النظيف وأحد المستفيدين من برنامج المنح الدراسية وهو حالياً مدير مركز رواد التنمية لشؤون المجتمع المحلي: "اليوم، كجزء من المجتمع المحلي ومن رواد التنمية، أصبحت والناس من حولي نفكر بأنفسنا في حل مشاكلنا المشتركة".
رحلة التعلم
لا يعد التحفيز على التغيير الإيجابي الحقيقي في المجتمعات المحلية المهمشة أمراً سهلاً. هذا ما أدركته رواد التنمية التي كانت تتعلم من تجاربها الأولية لكي تطور نهجها وتزيده من فاعليته. فقد اختبرت المنظمة العديد من المبادرات خلال سنواتها الأولى، وقد تطلّب بعضها موارد كبيرة من دون أن يقدم ما يكفي لحث المجتمع المحلي على المشاركة واستغلال كامل طاقاته، ما دفع المنظمة للتركيز أكثر على مسألة تمكين المجتمع. كما باشرت بتدريب موظفيها على مساعدة قادة المجتمع المحلي على تطوير قدراتهم في التغلب على التحديات. من الأمثلة على تعديل المنظمة لنهجها وفق النتائج على أرض الواقع أنها حولت نظرها من تشغيل دار حضانة إلى التركيز على التنشئة الفعالة للأطفال من خلال حملات توعية محلية لكيفية التعامل الصحيح مع الاحتياجات المبكرة للطفل.
وعندما وسعت رواد التنمية تطبيق نموذجها إلى مجتمعات أخرى، أدرك فريق العمل لديها أن هناك حاجة لتكييف برامجها وفق خصائص البيئة المحلية. ففي مصر، على سبيل المثال، تبين أنه من الأنسب تقديم منح دراسية مدتها سنتين في المجالات المهنية مثل تقنية المعلومات - عوضاً عن منح جامعية لأربع سنوات – تماشياً مع فرص العمل المتوافرة في مصر.
وتدرك رواد التنمية أن هناك حاجة للاستثمار أكثر في قياس أثر انشطتها للحصول على صورة دقيقة لتحديد ما يصلح من مقارباتها وما يجب تغييره. وقد ركزت قياساتها لغاية اليوم بشكل عام على مدى فعالية أنشطتها في الوصول إلى الفئات المستهدفة، لكنها تخطط الآن لقياس الأثر غير الملموس لعملياتها. على سبيل المثال: ما مدى فعالية أنشطة الدعم النفسي في تمكين الشباب على تنمية الميزات الشخصية التي تساعدهم على النجاح في حياتهم، مثل قوة العزيمة والصبر والمرونة.
وتقول دودين: "يتوجب علينا دائماً الاستمرار في طرح الأسئلة والتعلم من نجاحاتنا واخفاقاتنا، والتأمل في أعمالنا ونهجنا".
التطلع إلى المستقبل
تخطط رواد التنمية للاستمرار في بناء نموذجها للمشاركة المدنية في كل مواقع عملها الحالية، وأن تزيد من خدماتها، سواء بشكل مباشر أو من خلال شركائها، وفق ما تقتضيه احتياجات المجتمعات المحلية. ويقول غندور: "لقد أصبحنا بمثابة منصة توفر فرصاً للآخرين [الراغبين في تقديم خدماتهم للمجتمع المحلي] للمشاركة في هذه الجهود".
ولدى غندور قناعة كاملة بأن نموذج عمل رواد التنمية - من خلال دعائمه القائمة على جذب مشاركة القطاع الخاص وتمكين الشباب وحرصه على مشاركة المجتمع المحلي في قيادة التغيير الاجتماعي والاقتصادي - قادر على المساهمة الفعالة في التنمية المستدامة في العديد من الدول الأخرى. وعلى الرغم من أن نموذج عمل رواد التنمية يركز على الدول العربية، إلّا أن فريق عملها يروج ويشجع قادة المجتمع في مختلف الدول على تبنيه من خلال مشاركتهم لخبراتهم ومعلوماتهم.
ويعلق غندور قائلاً: "نحن بالطبع شغفون أكثر بمحيطنا المباشر، حيث نشعر أننا قادرون على إحداث الأثر الأكبر".
الدروس المستفادة الرئيسية لرواد العطاء
اصغ إلى المجتمع المحلي
استثمر في الإصغاء إلى المجتمع المحلي وتلبية احتياجاته بسرعة لكسب ثقته
اهتم غندور منذ البداية في كسب ثقة أفراد المجتمع المحلي، الذين لم يكونوا يعرفونه أو يعرفون منظمته، ولم يكونوا أيضاً معتادين أن يقدم لهم القطاع الخاص أي نوع من المساعدة. فكانت خطوته الأولى هي تجنب الذهاب إلى جبل النظيف بأجندة عمل معدّة مسبقاً. وعوضاً عن الإجابة على الفور على استفسارات السكان، قرر فريق العمل أن يصغي باهتمام إليهم لفهم احتياجاتهم الملحة وابداء التقدير والاحترام لآرائهم.
وبما أن الثقة لا تكتسب بالكلمات وإنما بالأفعال، سارع فريق عمل رواد التنمية إلى العمل على تحقيق الطلبات الأساسية لتحسين البنية التحتية لجبل النظيف. كان بعض هذه الطلبات خارج نطاق عمل المنظمة، كبناء مخفر للشرطة في المنطقة، وهو مطلب قديم طال انتظاره لدى السكان، وإنشاء عيادة طبية، فنجحت رواد في كسب الدعم والتأييد لهذه المشاريع. ونجاح هذه المساعي أدى في النهاية إلى كسب ثقة المجتمع المحلي، الذي لم يمنح رواد التنمية مكاناً لتنفيذ برامجها فحسب، بل منحها المصداقية كذلك لكي تستعين بأعضائه لإحداث التغيير الإيجابي المنشود.
اجذب مشاركة المجتمع المحلي
استقطب المشاركة من أفراد المجتمع المحلي لتطوير حلول أفضل وتعزيز دورهم في بناء مستقبلهم
ينظر فريق عمل رواد التنمية إلى أعضاء المجتمع المحلي على أنهم الخبراء الحقيقيون فيما يتعلق بتطوير الحلول كونهم الأكثر دراية وانشغالاً بمشاكل مجتمعهم. ويعمل الفريق مع السكان عن كثب لتصميم البرامج التي تعالج الثغرات التي من شأنها أن تعيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في محيطهم. ومن خلال الإصغاء إلى الشباب أدركت المنظمة أنه على الرغم من أهمية المنح الدراسية والارشاد الوظيفي، إلا أنهما لا يكفيان لإتمام مهامها.
ولدت فكرة حلقات "دردشات" التفاعلية وجلسات التدريب على مهارات الحياة، إيماناً من رواد بأن مشاركة الشباب في الحوارات الجماعية والاستماع إلى وجهات النظر من عدة زوايا تمكنهم من تحقيق قفزات نوعية أكبر في تنمية شخصياتهم وتهيئتهم بشكل أفضل للمستقبل
والأهم من ذلك أن رواد التنمية تزود السكان بالأدوات والدعم اللازمين للعمل على تنفيذ البرامج بأنفسهم. فهي مثلاً تثقف المتطوعين الشباب حول أهمية الإرشاد والتوجيه وتدربهم على المهارات لتوجيه الأطفال والشباب الأصغر منهم. كما تقدم الدعم للنساء لقيادة الحملات المحلية. فجذب مشاركة أعضاء المجتمع المحلي لا يضمن فقط ملائمة العمل واستدامته، بل ينمي أيضاً الشعور لدى السكان بأنه منهم ولهم - وهذا الشعور أساسي لتحقيق التغيير على المدى الطويل.
استعن بمختلف أصولك
شارك بأكثر من مجرد التمويل بالاستثمار في خبرتك ووقتك
يعد غندور ممولاً رئيسياً لرواد التنمية ويشارك بشكل حثيث في برامجها وعملياتها. كما أنه المحرك والمرشد لعمل فريق المنظمة. وتبرز أهمية هذا الالتزام أيضاً كمثال يحتذى به للفاعلين الآخرين في القطاع الخاص.
ويطرح غندور السؤال التالي لزملائه في القطاع الخاص: "يقع على عاتق الشركات الكبيرة مسؤولية ولها دور لا بد أن تؤديه تجاه المجتمع. فنحن رواد أعمال ويملك جميعنا القدرات وشبكة علاقات. كأرباب عمل، نحن ندرك جيداً هذه القضايا. السؤال هو: هل نرتقي إلى المستوى المطلوب ونفعل شيئاً تجاه المجتمعات المحرومة؟".
وقد استجاب بعض الفاعلين لدعوة غندور وقرروا المشاركة من خلال منصته، سواء بتقديمهم النصائح والإرشاد لشباب تلك المجتمعات، أو التطوع في البرامج المجتمعية، أو من خلال دعم عمليات رواد التنمية.
تعرف على رائد العطاء فادي غندور
نبذة عن حياته
فادي غندور هو مؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة ومضة، وهي منصة تستثمر في ريادة الأعمال وتوفر بيئة حاضنة لها في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وغندور هو المؤسس المشارك لشركة أرامكس، إحدى الشركات العالمية الرائدة في مجال الخدمات اللوجستية حيث شغل منصب رئيسها التنفيذي بين عامي 1983 و2012 وكان عضو مجلس إدارتها حتى عام 2020.
وخلال السنوات الثلاثين التي أمضاها في قيادة أرامكس، قام غندور بتأسيس دعائم الشركة ووظف أكثر من 15,000 شخص في أكثر من 250 مكتباً في 90 دولة حول العالم. كما قام بطرح أسهم الشركة مرتين للتداول – الأولى في بورصة ناسداك – لتصبح بذلك أول شركة من العالم العربي تقدم على هذه الخطوة والثانية في سوق دبي المالي.
ولغندور تاريخ طويل في ريادة الأعمال، فقد تخللت حياته المهنية العديد من المحطات التي أسس خلالها العشرات من الشركات والمنظمات غير الربحية أو تولى اطلاقها أو استثمر فيها.
الملحق: المراجع
للاطلاع على دراسة الحالة بالكامل، مع المراجع والمعلومات الإضافية، اضغط هنا.